كيف يعمل الروح القدس في حياتنا؟ وكيف نعيش بالروح القدس؟
لقد حلَّ الروح القدس على الكنيسة يوم الخمسين، وهو اليوم الذي يوافق عيد الحصاد.
فالله اختار هذا اليوم ليسكب من روحه على الكنيسة، وليعلمنا أن من يتعب في الزرع له غاية
أن يحصد أخيراً المحصول.
الله يريد أن يعرفنا أن حلول الروح القدس يوم الخمسين، هذا الحدث، هو الغاية التي لأجلها تمت كل الأعمال السابقة: من خلق الإنسان، وإرسال الأنبياء، وتجسد الابن وموته وقيامته وصعوده للسماء، كل هذا يُتوج أخيراً بحلول الروح القدس. فحلول الروح القدس على الإنسان هو الغاية وهو الحصاد، هو الفرح الذي يأتي بعد التعب.
لكن ماذا حدث يوم الخمسين؟ إنه يوم ميلاد الكنيسة، فقبل هذا اليوم لم تكن الكنيسة لها وجود، الكرازة المسيحية لم يكن لها وجود قبل هذا اليوم، ففي هذا الحدث تحقق واقع جديد.
+ قبل هذا اليوم كان الرسل بشراً عاديين، ولكن بعد هذا اليوم أصبحوا بشراً متحدين بالله، فالله أصبح يسكن فيهم، فهؤلاء الأشخاص صاروا بيت الله، وهذه نقلة لم تحدث قبلاً في تاريخ البشرية كلها، إلا يسوع المسيح هو أول إنسان، ومن بعده الكنيسة في يوم الخمسين، فقبل ذلك كانت كل تعاملات الله مع الإنسان من بعيد.
+ في هذا اليوم سكن الله في البشر، أو في الكنيسة والممثلة في الرسل في هذا الوقت. لقد أصبح روح الله عامل في الإنسان، هنا حدثت نقلة كيانية، أي أن الناموس والأنبياء وكل رسائل الله التي كان يُعطيها للإنسان قديماً، كانت تعليم وإرشادات ووصايا يحاول الإنسان أن يعملها، ولكنها ليست جزءاً منه، لكن في يوم الخمسين حدثت ولادة جديدة أو خلقة جديدة، وهذا ما يحدث في المعمودية في بداية حياتنا، ومن هذا اليوم أصبح البشر هم أولاد الله لأن الروح القدس هو روح التبني، وروح الابن، فعندما يحل على الإنسان يجعله ابن لله.
+ أيضاً روح الله هو نبع الحياة، فعندما يحل على الإنسان يعطيه حياة الله.
ونتيجة لحلول الروح القدس على الإنسان، يثمر فيه الروح ثماره، وثمر الروح ليس صفات بشرية، ولكنه صفات الله نفسه، لأن روح الله حلّ على الإنسان وأصبح الله ساكن فيه، فإن كانت هذه الصفات ليست فينا، فنحن نفتقر إلي روح الله، وكل إنسان يحتاج لروح الله، لكي يتشبه بالله.
فى غلاطية (5: 16-23) يقول القديس بولس: (وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ. لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ. وَلكِنْ إِذَا انْقَدْتُمْ بِالرُّوحِ فَلَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ. وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ، الَّتِي هِيَ: زِنىً، عَهَارَةٌ، نَجَاسَةٌ، دَعَارَةٌ، عِبَادَةُ الأَوْثَانِ، سِحْرٌ، عَدَاوَةٌ، خِصَامٌ، غَيْرَةٌ، سَخَطٌ، تَحَزُّبٌ، شِقَاقٌ، بِدْعَةٌ، حَسَدٌ، قَتْلٌ، سُكْرٌ، بَطَرٌ، وَأَمْثَالُ هذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضًا: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ. وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلاَحٌ، إِيمَانٌ، وَدَاعَةٌ، تَعَفُّفٌ)
هنا نرى التحول من أعمال الجسد الملآن خطايا إلى جسد يثمر فيه الروح. يتحدث الرسول هنا عن جسد الخطية، وهو الطبيعة القديمة الساقطة التي يملك عليها الخطية والموت، وهذا نظام حياة جزء منا، ونعيش به ونتيجته كل أعمال الجسد التي ذكرها، فعندما يلاحظ الإنسان هذه الأعمال في نفسه، يعرف إنه مفتقر لروح الله، وبالتالي لا يثمر فيه الروح كل الأمور الإلهية التي ذكرها في الآية السابقة.
ويثمر فينا الروح القدس عندما نبدأ تدريجياً الموت عن أعمال الجسد، ويبدأ عمل الروح فينا ونصبح شَبه الله، وتكون صفات الله ظاهرة فينا.