هل تستطيع ياأخ أن تقول لي كيف اتحد اللاهوت بالناسوت؟
هتقول زي اتحاد الحديد بالنار، وإتحاد النفس بالجسد.
عال، بس ده وصف من الخارج، أي وصف الشريعة، لكن ماذا حدث في الداخل في عقل وقلب وإرادة يسوع المسيح الإنسان، الذي هو صورة آدم الجديد، الذي هو في نفس الوقت ابن الآب الأزلي؟
كيف اتحد غير المحدود في القوة والمعرفة والمحبة والقداسة والحكمة وسائر الصفات الإلهية بالناسوت المحدود في كل شيء، والذي هو مُحاط بالضعف والموت؟
نحن نعرف حقيقة التجسُّد بمقارنة القوى بالضعيف، وغير المحدود بالمحدود. ولكن صدقني يا أخ، أن أعماق قلب يسوع حيث يتّحد اللاهوت بالناسوت في اتحاد كامل هو “سر خفي” فوق إدراك علماء اللاهوت عندنا. وحقًا قال الرسول:
“مَن عرف فكر الرب أو من صار له مشيرًا”؟ ومن يقدر أن يتفرس ويتمعن في هذه الحقيقة الفائقة التي تعلو على الإدراك؟
وعندما يتَّحد الأبدي بالقابل الموت، والقوي بالذي يقبل الألم ، والقدوس والبار بالمتغيِّر، فإننا يجب أن نسأل كيف قال الرسول: “يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد”؟ كان بالأمس محاطًا بالموت والضعف، واليوم هو حي في مجد الآب، وإلى الأبد رب الكل، فكيف يجمع الرب كل هذه الأمور في كيانه..هل تعرف الإجابة؟
* لكنني أريد أن ُأعَيِّد عليك بما هو أعظم، وهو ميلادنا نحن من هذا السر الفائق. نحن نُولد من الله دون أن نعرف كيف نُولد كما قال الرب: “الريح ﺗﻬب حيث تشاء وتسمع صوﺗﻬا، ولكن لا تعرف من أين جاءت ولا إلى أين تذهب، هكذا كل مَن وُلِدَ من الروح”. هو لا يبحث في أصل الأشياء، وإنما يعرف أﻧﻬا تحدث.
ويقول المزمور:”ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب”، وعادًة إحنا بنشوف في الأول وبعدين نذوق. ولكن النظر يأتي بعد التذوق في شركتنا مع الله.
هكذا نُولد يا أخي من الله بسبب ميلادين: الميلاد الأزلي من الآب، والميلاد الزماني من العذراء القديسة مريم.
والميلاد الأزلي هو أساس الميلاد الزماني، ونحن الزمانيون نُولد في هذا الزمان، زمان الإنجيل، ميلادًا فائقًا من الآب بواسطة ابنه يسوع المسيح، فقد أدخل الابن طبعنا في شركة مع الآب عندما اتحد بالناسوت في أحشاء ُأمه الطاهرة، وهنا تم اللقاء الأبدي بين الله والخليقة، بين الكائن بقدرته الواجب الوجود، وبين مَن هو كائن (موجود) بالنعمة والرحمة، الإنسان المخلوق من العدم.
لقاء اتحاد بين طبيعتين كل منهما مختلفة تمامًا عن الأخرى، وصار اسم هذا الإتحاد، يسوع الذي يخلِّص شعبه من خطاياهم ويرفعهم إلى مرتبة ملوك السماء مع السلاطين والعروش والشاروبيم والسيرافيم.
لذلك السبب نقول سلامٌ لكِ يا بيت لحم، سلام لمكان ميلادنا الجديد.
كل سنة وأنت في شركه مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح بقوة الروح القدس.
الحقير
فليمون
عيد الميلاد اﻟﻤﺠيد ١٩٦٩