لا تُعتبر القيامة الخطوة الأخيرة في عملية الخلاص، فالقيامة تتلوها خطوات أخرى بعدها مثل الصعود-وهو من الخطوات الهامة في خلاصنا- ثم تأتي خطوة حلول الروح القدس في يوم الخمسين، وأخيرا قيامة الأموات التي نذكرها في قانون الإيمان: (وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي أمين).
نقرأ من يوحنا 1:20 (وَفِي أَوّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِرًا، وَالظّلاَمُ بَاق. فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعًا عَنِ الْقَبْرِ.)
في أول الأسبوع- يوم الأحد -جاءت مريم المجدلية إلى قبر المسيح، لكي ترى المسيح، فقد تم تكفينه بسرعة شديدة بعد الصليب. وكانت المريمات تنتظر انتهاء يوم السبت لأنه كان محظوراً على اليهود التنقل في هذا اليوم (لأن السبت هو يوم الرب). فمع ظهور أول ضوء في فجر الأحد انطلقت المريمات لقبر يسوع ليضعوا الحنوط للجسد، لكن عندما وصلت المجدلية للقبر وجدت الحجر مرفوعاً عنه وفارغ، والمعلم ليس بموجود.
والقبر بالنسبة لليهود يرمز إلى المكان الذي تذهب إليه النفس البشرية بعد موت الجسد. فكل إنسان، من آدم إلي ما قبل المسيح، بعد موته جسدياً يذهب للهاوية. فالموت مَلك على الإنسان، وصار له سلطان عليه، وإبليس له سلطان الموت، فبعد سقوط آدم أصبح كل إنسان يُولَد في هذا العالم تحت حُكم الموت، وبذلك سيطر إبليس والموت على البشر من آدم إلي مجيء المسيح. ومملكة إبليس هي عالم الأموات أو الجحيم أو القبر، وكان هذا الإعتقاد سائداً عند اليهود، فعند وضع الميت في القبر، يُقيم هذا الشخص في عالم الأموات الذي يذهب إليه كل شخص بعد الموت. وعالم الموت هذا شيء مُرعب جداً، فيه يكون الإنسان غير حُر، ويعيش في ظُلمة، وبعيد عن أهله الذين يحيون في العالم، ولكن أخطر شيء في عالم الأموات هذا أن الإنسان يكون مفصولاُ عن الله.
وإذا بحثنا لماذا تجسد يسوع المسيح ابن الله، نجد أن التجسد هو محور الخلاص، ففيه يتحد المسيح بي ويأخذ إنسانيتي، فيكون إنساناً مثلي، لكي في النهاية أصير أنا مثله، فنقول في القداس الإلهي: (أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له).
قبل المسيح كان كل إنسان يموت- حتى وإن كان باراً- يذهب إلى الجحيم (مثل إبراهيم، واسحق، ويعقوب، وداوود) وذلك لأنه تحت سلطان الموت، فالجميع ذهبوا إلى الجحيم. والمسيح كإنسان مثلنا تماماً ما خلا الخطية– فبعد موته على الصليب ما هو مصيره وأين ذهب؟
لقد نزل إلى الجحيم (عالم الموت) من قِبَل الصليب، لماذا؟ لأن هذا هو الهدف الأساسي الذي جاء من أجله إلى العالم، فهو أتى لكي يحرر كل الذين ماتوا تحت عبودية الخوف من الموت، أتى لكي يُحرر كل أولاده الذين سيطر عليهم الموت وأخذهم أسرى في الجحيم.
فنزول المسيح للجحيم هو قصد أساسي في فكر الله، فنحن كثيراً ما ننسي نزول المسيح إلى الجحيم، ونعتقد إنه تألم فقط على الصليب، ثم قام، متناسين أحباء المسيح المحبوسين في الجحيم، فهل يتركهم؟ بالطبع كلا، لأنه جاء أساساً لأجل ذلك.
ولكي نفهم الموضوع أكثر نقرأ (الرسالة إلى العبرانيين 2: 14- 15)
(فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللّحْمِ وَالدّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ أُولئِكَ الّذِينَ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيّةِ.)
فنحن جميعاُ نشترك في طبيعة بشرية واحدة، مخلوقين من لحم ودم، أي نفس وجسد، لذا المسيح أيضاً أخذ نفس طبيعتنا (جسد بشري ونفس بشرية)، لماذا؟ لكي يميت الذي له سلطان الموت بموته، ويُحرر الذين ماتوا تحت عبودية الموت.
لقد ظنت مريم المجدلية للوهلة الأولى أن جسد المسيح قد سُرق، لأن الإنسان من الصعب عليه أن يُصدق إن بمقدور أي شخص أن يَقوم من الموت، بل إن هذا مُستحيل، وهذه هي مشكلة البشر مع الموت منذ آدم. فأي إنسان يموت لا يعود للحياة مرة أخرى، حتى وإن كان المسيح في خلال حياته قد أَقام لِعازر من الأموات، وابنة يايروس، وأخرين، ولكن إذا كان يسوع وهو نفسه قد مات فمن سيقيمه، هكذا فكرت مريم.
لقد ذهبت مريم المجدلية للتلميذ الأخر الذي كان يسوع يحبه (يوحنا) -ويوحنا لا يذكر اسمه كعادة كُتاب الأسفار، كنوع من الاتضاع وعدم الظهور، لكن يوحنا يظهر ويعرف نفسه من خلال العلاقة (علاقة الحب مع المسيح) التي هي أعلي من اسمه وهويته. وإذا سألنا يوحنا من أنت؟ فيقول يوحنا: أنا الذي يحبه يسوع وهذا أهم أمر.
لقد ذهبوا كلهم إلى القبر فوجدوه فارغاً. لماذا؟ لأن المسيح قام من الأموات.
(يوحنا2: 8،9) “ فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضًا ٱلتِلْمِيذُ ٱلْآخَرُ ٱلَذِي جَاءَ أَوَّلًا إِلَى ٱلْقَبْرِ، وَرَأَى فَآمَنَ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ ٱلْكِتَابَ: أَنَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ. فَالتَلَامِيذُ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ قَدْ فَهِمُوا قَولَ الكِتَابِ عَنْ أنَّ يَسُوعَ لَا بُدَّ أنْ يَقُومَ مِنَ المَوْتِ.“
لكن ما معنى الأموات هنا؟ المقصود بها عالم الأموات، فالمسيح لم يخرج فقط من القبر حيث وضِعَ جسده، ولكنه قام من وسط عالم الأموات (من الجحيم والهاوية) لأن هذا هو الموت الحقيقي فهو موت أبدي.
بعد التأكد من أن المسيح غير موجود رجعوا كل واحد إلى مكانه، لكن لأجل محبة مريم القوية للمسيح لم تستطع الرحيل، فظهر لها ملاكان بثياب بيض (أي منيرة تشع نور) وهذه هي طبيعة الحياة الروحية (تشع نور)، لذلك الملائكة يُدعَون بنو النور، وذلك لأنهم يعكسوا نور الله، فهم وصلوا لحالة من الكمال لم نصل نحن لها في الوقت الحالي، فهم منقادون بروح الله، وممتلئين بالروح، يحركهم ويقودهم إلى أدوارهم، لذلك فهم في نظام مبهر ولهم رُتب بقيادة الله لهم.
(يوحنا 2 : 13-16) (فَقَالاَ لَهَا: يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ قَالَتْ لَهُمَا: «إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيّدِي، وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ! وَلَمّا قَالَتْ هذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ، فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفًا، وَلَمْ تَعْلَمْ أَنّهُ يَسُوعُ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟ فَظَنّتْ تِلْكَ أَنّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُهُ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي!» الّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلّمُ)
مريم هنا تشكي حالها قائلة: أخذوا سيدي ولا أعرف أين وضعوه، ثم شعرت أن هناك شخص يتحرك بالخارج وهي جالسة داخل القبر. مما جعلها تلتفت للوراء! (البعض يقول أن بحضور المسيح الملائكة خضعوا أو ركعوا له). أما مريم فظنت أنه البستاني إلى أن قال لها: “يا مريم”، حينها فقط قالت له: “ربوني”. فحين تبدأ علاقتي بالمسيح، فإن المسيح يناديني بإسمي، فمعرفته الشخصية بي تجعلني أعي ذاتي فأعرفها وأعرفه. وعندما تكون هناك علاقة سابقة، فهذه الكلمة تفتح العيون الروحية، وليس إعطاء انتباه ذهني فقط، لأن المسيح تغيرت هيئته بعد القيامة، وذلك ظهر في أكثر من موقف أثناء ظُهوراته بعد القيامة. لكن كيف يعرف الإنسان المسيح؟ أكيد ليس بالشكل الخارجي أو بالأيقونات فقط، فالله يُعرف بالروح بالأساس. ففي خلال علاقتي بالمسيح، يخلق فيَّ حواس روحية، وبعمل الروح القدس فىَّ تنفتح عيوني الروحية عليه. فالروح القدس الذي هو بداخلي يشير إليه، ويعرفني أن هذا هو المسيح، ثم بعد ذلك أجد أن من الأفضل لي في صلاتي الشخصية أن أُغمض عيني، وذلك أفضل من النظر إلى صورة مثلا. عندما نادى المسيح على مريم قائلاً: “يا مريم” فقد إنفتحت عيونها الروحية، فمريم لم تكن قادرة على أن تميزه بعيونها البشرية، لأن هيئته المُقامة من الأموات لها طبيعة جديدة، وهذه هي طبيعتنا الجديدة التي نأخذها نحن أيضاً.
هذا ما تجسد المسيح من أجله، لكي يتحد بطبيعتنا ويأخذ هذه العجينة (الطبيعة البشرية) ويؤهلها في نفسه لتكون في النهاية خليقة جديدة (ولادة ثانية)، وهذا ما قاله المسيح لنيقوديموس في حديثه معه ليلاً (إذا لم يولد الإنسان من الماء والروح أي لم يأخذ الخليقة الجديدة، لا يقدر أن يدخل ملكوت السماوات). هذا هو القصد الذي جاء المسيح لأجله، لكي يتحد بالطبيعة البشرية ويموت بها ويقوم بها، ولكن ليست كما كانت قبل الموت، بل سيقوم بها بطبيعة روحية جديدة (الخليفة الجديدة) قادرة أن تعيش الحياة الأبدية وأن تكون موجودة في محضر الآب وفي ملكوت السماوات. والخطوة التالية المهمة في الخلاص هي صعود المسيح آخِذاً الطبيعة البشرية الجديدة المتحد بها، والجلوس بها عن يمين الآب. فالصعود هنا عملية في غاية الأهمية لأنه أصبح لي ولك ولكل إنسان في المسيح أن يكون عن يمين الآب في ملكوت الله. ولكن إذا مات المسيح ولم يقم، فما الفائدة العائدة علىَّ، وإن قام ولم يصعد فأنا أيضاً لم أستفد بشيء. فالهدف النهائي لوجودي في الحياة هو أن أكون مع الآب، أعيش معه في الحياة الأبدية.
(يوحنا20: 17) قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ».
هذه الآية مهمة جداً، لأنها توضح لنا التغير الشديد الذي حدث في طبيعتنا، فعندما قال: أنا لم أصعد بعد فأذهبي لإخوتي، فهنا المسيح جعلنا بتجسده واتحاده بنا إخوة، وبقيامته من الموت وتحريرنا من سلطان الموت، أصبحنا ننادي على الآب ونقول له يا أبي مثل المسيح. وأيضاً الأخطر من هذا عبارة (إلهي وإلهكم)، هنا يتحدث المسيح من منطلق اتحاده بالبشر مؤكداً أن بعمله الخلاصي، أعطانا ما له، ولم يترك شيئاً فينا لم يأخذه – ما عدا الخطية – ولم يترك شيئاً فيه لم يهبنا إياه، وهذا أمر عظيم جداً ليس في مقدرة الإنسان استيعابه. فمن محبته لنا وتحننانه علينا شابهنا في كل شيء ما عدا الخطية.
ويقول ق. بولس عن المسيح فى رسالته إلى العبرانيين (5: 8) “مَعَ كَوْنِهِ ابْنًا تَعَلَمَ الطَاعَةَ مِمَا تَأَلَمَ بِهِ“
كيف يُقال على ابن الله إنه تعلم الطاعة. التعليم هنا ليس بمعني إنه تعلم شيئاً، لأنه لا ينقصه شيء، ولكن في بشريته ومن أجلنا نحن اجتاز في الطاعة، وهو أمر يخص طبيعتنا نحن وكأنه يمارس شيئاً خاصاً بنا، وليس به هو، كل هذا لأجلنا نحن، فالمسيح أعطى البشرية أن تكون مولودة من الله. فبعد القيامة صار كل إنسان يؤمن بالمسيح ويكون فيه، أن يأخذ هذه الولادة الثانية، ويكون مولوداً من الله وهذا ما جاء فى (إنجيل يوحنا 1: 12)
“أَمَا الذِينَ قَبِلُوهُ، (الَّذِينَ آمَنُوا بِاسْمِهِ) فَقَدْ مَنَحَهُمُ الْحَقَّ فِي أَنْ يَصِيرُوا أَوْلادَ اللهِ،“
هنا الحديث عن البشر الذين أمنوا به فأعطاهم سلطاناً أن يكونوا أولاداً لله، أي مولودين من الله مباشرة. لذا فلتنس الولادة البشرية التي تمت بواسطة والديك، لأنك ولدت ولادة روحية جديدة أعظم، فأنا موجود لأن الله ولدني. فعندما أقول إننا إخوة للمسيح، فهذه ليست مجاملة لكنها الحقيقة، لأنه بالتبني صرنا أبناء. وهذا ما فعله معنا الله الآب من خلال المسيح. فقد أرسل الآب ابنه الوحيد من أجل محبته لنا لكي ينادي علينا ويقول أبي يريد أن يتبناكم. فالله الآب تبنانا في ابنه.
وإذا رأينا كيف يتعامل الله مع الإنسان؟ فنجد أن المسيح يتعامل مع الانسان بنفسه وبشخصه، فإذا كانت مريم المجدلية تبحث عنه فهو يُظهر لها نفسه وشخصه. وعندما كان التلاميذ مجتمعين في العُلية والأبواب كانت مغلقة جاء إليهم المسيح بنفسه. فأكثر شيء يميز تعاملات المسيح معنا، إنه يأتي بشخصه مقدماً محبته. فأظهر نفسه لمريم المجدلية وتجاوب مع محبتها له وأتي لها بنفسه، وأيضاً تلاميذه أحباؤه الحزانى في العُلية، أتى إليهم بنفسه والأبواب مُغلقة، واخترق كل الحواجز، فهو لا يمنعه شيء عن وصوله لأحبائه لكي يريهم نفسه.
والله يتعامل معنا بنفس الطريقة، فهو أظهر لنا محبته حينما أتى بنفسه من السماء، وتجسد وأظهر نفسه حينما صُلب على الصليب، وأظهر نفسه حينما غلب الموت والجحيم، وكما ظهر لتلاميذه يفعل أيضاً معنا.
فكل إنسان يبدأ في التجاوب مع محبة المسيح، ويتحرك قلبه ولو بإشتياق قليل، ويقول له: أنا أُريدك يا رب. يأتي المسيح بنفسه إلي داخل قلبه وهذا شيء حقيقي، ولكنه غير مرئي. فهناك أمور روحية حقيقية لا تُرى بالعيون الجسدية، ولكنها سوف تُرى بالعيون الروحية. تأكد إنك إذا إشتقت للمسيح وطلبته، فسوف ينادي عليك ويقول لك (هأنذا جئت).
لذا يقول في (مزمور40:7) “حِينَئِذٍ قُلْتُ: «هأنَذَا جِئْتُ. بِدَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِى“
بمعنى أنظر أنا قد جئت أفتح عينيك لأنها مغلقة، فمحبتي لك تجعلني لا أتأخر عنك. لذا يأتي المسيح بداخلي
– وليس من الخارج – ويتحد بي.
لقد تجسد ابن الله واتحد بكل البشر، فمن يقبل هذا تُفتح عيناه ويرى، ومن يؤمن ويصدق ويشتاق سيجد المسيح يأتي إليه من أجل محبته له، ويحل في قلبه. فمحبة المسيح تجعله لا يتأخر أبداً عن أي إنسان. ولا تحتاج إلى إثبات. فمحبته ظاهرة إلى أقصى حد لقد “ أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى.“ فلا يوجد أعظم من أنه يموت لأجلي “لَيْسَ لِأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لِأَجْلِ أَحِبَّائِهِ“ فالمسيح قد أخلى ذاته وتألم وصلب لأجلنا، ورفع كل الحواجز التي تفصلنا عنه. وها هو يتيح نفسه لنا. وهنا يأتي دور الإنسان أن يشتاق للمسيح ويقول له: (أنا أريدك يارب). فلا الخطية، ولا الضعف، ولا المشغولية، تمنعك من ذلك. فمجيء المسيح غير متوقف عليك مهما كانت حالتك أو حزنك أو غضبك لا شيئا يمنع أن نستقبل المسيح.
إن طلبناه حتماً سيأتي. وهو يقول أيضاً: “هئنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ.“ إفتح لي…