لما قام الرب ونقض “أوجاع الموت” وهدم قوته، وسمح لقوة الموت أن تجوز فيه، وأن تفصل نفسه عن جسده وتقوده نحو الجحيم.
حدث أمرٌ فائقٌ عجيب، إذ استسلم الرب للموت جسدياً ووصلت حياته إلى حافة الهاوية، بل نزلت فيها. وحافة الهاوية هى ظلام الموت ونهاية الحياة الإنسانية من الحياة في النور الإلهي التي يشرق فيها النور الإلهي إلى حياة كائنةٍ بدون النور الإلهي.
هكذا تخلى الرب عن حياته للظلام والموت رغم اتحاد نفسه وجسده بالنور الإلهي. هكذا دخل الموت إلى أعماق الاتحاد الأقنومي، وفصل حياة الرب الإنسانية بإرادة الابن ومسرته؛ لكي يبيد الانفصال الإنساني عن نور الحياة الإلهية، ولكي لايبقى أحدٌ من الذين اتحدوا به غريبٌ عن الاتحاد به وبالآب وبالروح القدس. هكذا قال الرسول إنه نقض أوجاع الموت أي نقض وجع الانفصال عن الله. حدث هذا الانفصال فيه فصار مثل نارٍ اشتعلت في حقل قمحٍ محاطٍ بالمياه من كل جانب، واحترق القمح الذي فيه ولكن المياه المحيطة بالحق أطفأت النار عندما وصلت النار إلى حدود المياه.
هكذا أخذ الناسوت من اللاهوت قوة الحياة، وصَب هذه الحياة في الجسد فقام الجسدُ حياً بقوة اللاهوت الذي لا يأخذ حياته من الطعام ولا يستريح بالنوم، بل هو حي بذاته وراحته في المحبة الأزلية. عند ذلك تمجَّد الناسوت بحياة عدم الموت، ولذلك قال الرسول في سفر الأعمال إن “جسده لم يرَ فساداً”، ولم يتحلل الجسد رغم خضوعه للموت لكييعلن بشكلٍ أوفر قوة السر المجيد أي سر الشكر الإلهي الذي فيه وبه ننال الإتحاد بعدم الفساد، ونأخذ شكل القيامة المجيدة التي تُعطى لنا مثل بذرة تظهر كاملة في يوم الدينونة.