اما ان يكون الانجيل إضافة علي يومك اما ان يكون الانجيل اساس في يومك…
١- فمن صار له الإنجيل مجرد إضافة له في يومه:
نجد إنجيله في اتجاه، ولكن سلوكياته وحياته في اتجاه اخر.
ونجد انجيله يخلق بداخله رغبة وحيدة وهي الاشتياق للملكوت، لكن نجد حياته ممتلئة بالرغبات المتعددة نحو كل ما هو خارجه نحو الاشياء، نحو كل ما هو محدود، نحو كل ما هو سطحي، نحو كل ما هو مؤقت.
نجد انجيله به اخبار سارة ومفرحة حيث المسيح قام، لكن نجد حياته مصابة بالإحباط والكآبة واليأس الشديد المهلك، نتجية تعدد الرغبات، وطغيان هذه الرغبات نحو الامور السطحية علي حساب الرغبة الأوحد نحو الملكوت.
نجد انجيله يضفي واقع الابدية علي واقع حاضر حياته المرير (تأتي ساعة وهي الآن)، لكن حياته مشتبكة ومستغرقة في تحليل التفاصيل وتفسير الاحداث والتفكير في النتائج واستنباطها.
٢- اما من صار له الانجيل اساس في داخل يومه:
نجد الانجيل في فمه ليل ونهار حيث يلهج بآية واحدة مما قرأها في الصباح او المساء من اول اليوم لآخره.
نجد يومه مكسي بالانجيل حيث يتمسك بالآية ولن يرخها كما قال ابينا يعقوب امسكته ولم ارخه. وهنا نجد الانسان يتحدي بالآية الانجيليه تحديات يومه، سواء آلاف الإغاظات التي يتعرض لها علي مدار اليوم، او سخرية من حوله، او ضغوطات اليوم في الأشغال ، او كثرة شر اليوم كما قال رب المجد ان اليوم يكفي شره، وهكذا…
والعابد المختبر لترديد آيه واحدة كل يوم طول اليوم من آوله لآخره، نجد شخصيته تتشكل بشخصية المسيح محور الانجيل الذي يحوي هذه الآية ( كما يقول القديس مكسيموس المعترف) … وتصير هوية الانسان في هذه اللحظة هوية الانجيل اي هوية المسيح محور الانجيل. فتأخذ الآية مساحات من داخل الانسان كانت قد استولت عليها الشياطين. وكأن بترديد الانسان لآية واحدة علي مدار اليوم وكل يوم لفترات كثيرة يجعل الآية تسترجع اجزاء كثيرة من الانسان التي قد احتلتها الشياطين. لأن قوة الآية هي من قوة المسيح الذي سحق قوة الشيطان!!!
فكما علمنا الاباء ان الانسان لو صار له نقطة تركيز واحدة داخل يومه (مثل صلاة قصيرة يرددها بالمئات خلال اليوم مثل صلاة يسوع: ياربي يسوع ارحمني انا الخاطئ او مثل آية قصيرة من الانجيل ويركب عليها اسم يسوع). سيصير الانسان متعلق بنقطة التركيز هذه ، وستصير محور يومه مع الوقت. ومع التكرار ودوام التركيز علي هذه النقطة المركزية المحورية خلال اليوم: يبدأ تعلق الانسان بالآية فيصبح الانجيل بدلا من ان يكون مجرد اضافة علي يوم الانسان، فيصبح اساس في يوم الانسان لا غني عنه ، حتي يصير الانجيل جزء لا يتجزأ من تكوين الانسان (كما قال القديس اغسطينوس).
وكلما زاد تعلق الانسان بهذه النقطة المركزية ( صلاة قصيرة حول اسم يسوع كما قلنا سابقا مثل ياربي يسوع ارحمني ، ياربي يسوع اعني …)، يصير اسم يسوع هو محور اليوم الخاص لهذا الانسان. فتتحول هوية اليوم مع الوقت والتكرار الدؤوب من يوم عالمي ليوم ملكوتي.
فيبدأ اسم يسوع يلتف حول الانسان في أكله وشربه ونومه (انا نائمة ولكن قلبي مستيقظ!!!)، ويبدأ اسم يسوع يلتقط قلب الانسان ويشغله بالواقع الأبدي الجديد الذي يحتوي الواقع الحاضر والماضي دون ان يلغيه، ويبدأ اسم يسوع يجذب الانسان نحو حياة يسوع ؛ فينشغل الانسان بحياة يسوع وليست بحياته وآلامه واوجاعه ومتطلبات ذاته، ويبدأ اسم يسوع يلتقط الانسان من الانشغال بالتحليل والتفكير والاستنتاج ويهديه نحو الملكوت.
فيبدأ الانسان تدريجيا يتحول من شكله لشكل يسوع ، وردود افعاله لرد فعل يسوع في الجلجثة، وفكره لفكر يسوع الذي اتضع وصار في شكل العبد ، وسلوكياته كسلوكيات يسوع من حيث الحب واللطف والصبر وعدم الدينونة، وحبه كحب يسوع حيث حب مرتبط بالصليب حيث حب فيه موت عن كل شروط ومطالب واحتياجات الذات المريضة، وقدرته كقدرة يسوع حيث التواصل الدائم اليومي مع الآب ، ويومه كبوم يسوع حيث الاختلاء والانفراد كل يوم ليحقق هذا التواصل الأبوي ، ورغبته كرغبة يسوع حيث ملكوت الآب وبره!!!
ومشاعره كمشاعر يسوع حيث السرور برضا الآب وليس الحزن علي فقدان احتياجتنا.
وان تراجع الانسان عن هذه النوعية من الحياة المسيحية التي يصير له فيها مركز واضح خلال يومه. سيصير الانسان مفكك، وتصير رغباته متعددة، وتبدأ تقل وتنعدم الرغبة الأوحد نحو الملكوت. ويصير الانسان فاقد المناعة التي تحميه من الامراض النفسيه والتي تقيه من الهجومات الشيطانية. فتصير حياة الانسان هزيلة هاشة فاقدة التماسك والتوازن لعدم وجود نقطة مركزية خلال اليوم يلتف حولها بكل طاقاته.
وفاقد الطاقة والعزيمة لدرجة انه لا يحتمل اي شئ في حاضره حتي انه لن يحتمل حياته لعدم وجود نقطة مركزية تمده بما يحتاجه للتواصل مع الملكوت.
إذاً شفاء الانسان كما علمنا الاباء النساك علي مدار ١٤ قرن:
معتمد بالكامل ليس علي التحليل والاستنتاج والمعرفة العقلية بل علي ان يكون موجود داخل اليوم مركز يدور حول اسم يسوع (سواء صلاة يسوع او آية نضيف عليها اسم يسوع) حتي تبدأ حياة يسوع تتغلغل داخل ماضي الانسان وحاضره، وتلتهم كل ما يعيق حياة الانسان المنطلقة نحو الملكوت.
وكأن شفاء الانسان مرتكز بالكامل علي تحقيق الآية “تأتي ساعة الأبدية والملكوت وهي الآن.”
فيتقدم الانسان في الشفاء الذي يتطلبه الملكوت، كلما كان له مركز حول اسم يسوع داخل اليوم طول اليوم كل يوم طول الحياة. وكأن انشغال الانسان بهذا المركز اليسوعي الانجيلي هو بمثابة إتيان لساعة الابدية الآن في حاضره حيث شفاؤه.
آخيرا…
شفاء الانسان مخفي في سر الآية: “تأتي ساعة وهي الآن”
تركيزه علي اتيان ساعة الابدية الآن في حاضره عبر الانجيل …
#الانجيل-ملكوت نوراني