أصل الطقس: (تكوين 17): «وقال الله لإبراهيم: وأما أنت فتحفظ عهدي. أنت ونسلك من بعدك في أجيالهم. هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك. يُختن منكم كل ذكر. فتختنون في لحم غرلتكم. فيكون علامة عهد بيني وبينكم. ابن ثمانية ايام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم. وَلِيد البيت والمُبتاع بفضة من كل ابن غريب ليس من نسلك. يختن ختانا وليد بيتك والمبتاع بفضتك. فيكون عهدي في لحمكم عهدا أبديا. وأما الذكر الأغلف الذي لا يُختَن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها. إنه قد نكث عهدي.» (تك 17: 9 – 14)
وبذلك فالختان كان بمثابة أول علامة عهد شخصي على مستوى العلاقة الداخلية غير المنظورة بين الله وبين كل فرد في شعب الله. وسُمِّي”عهد الختان“(أع 7: 8).
والاختتان في العهد القديم هو عملية تكريس كامل لله بكل الأعضاء، داخلياً وخارجيا!! ليصير الإنسان على مستوى عهد الله وقداسة الله «سر أمامي وكُن كاملا» (تك 17: 1)، أو كما وضعها العهد الجديد على فم المسيح: «كونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل» (مت 5: 48). ولذلك اعتُبر المسيح أنه خادم الختان!! لأنه الوحيد الذي تمَّم الختان على أعلى وأكمل مستواه، الروحي والجسدي معاً، بأن كان مقدِّسا أو مكرِّسا جسده ونفسه لله كليًّا من أجلنا: «لأجلهم أقدِّس أنا ذاتي.» (يو 17: 19)
وكان كذلك حتى يمكن أن يكمِّل الله فيه كل وعد الختان وعهده لنا، فيظهر فيه صدق وعد الله للإنسان منذ إبراهيم!! «وأقول إن يسوع المسيح قد صار خادم الختان من أجل صدق الله حتى يثبِّت مواعيد الله.» (رو 15: 8)
وهكذا قبل إبراهيم الختان ليكون أبا لكل من يؤمن بالله ويدخل عهده ويصير من أهل بيت الله، وليس كالغريب أو النـزيل. ولكن لم يستطع أحد أن يحقِّق عهد الختان هذا ويثبت أهليته لله. وبقي صدق الله معلَّقا من حيث وعده بقبول الإنسان ليكون من أهل بيته حتى مجيء المسيح، لأنه حتى ولا موسى نفسه استطاع ذلك، إذ قيل عنه أنه «كان أمينا في كل بيته كخادم … أما المسيح فكابن.» (عب 3: 5 و6)
ختان المسيح في اليوم الثامن:
يقول بولس الرسول إن المسيح وُلِدَ «تحت الناموس» (غل 4: 4) لكي يكمل حرفية الناموس لأجلنا ويفتدينا من لعنته، حيث الإشارة هنا تتضمَّن الخضوع لعملية الختان في اليوم الثامن، كما كان يأمر بها الناموس، حيث أخذ أيضا اسمه الذي كان قد تسمَّى به سابقا.
وفي هذا يقول القديس كيرلس الكبير عمود الدين:
[لأن في اليوم الثامن (أي يوم الأحد) قام المسيح من الأموات وأعطانا الختان الروحي، وذلك بمقتضى ما أمر به الرسل القديسين: «اذهبوا وتلمذوا جميع الأُمم وعمِّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس» (مت 28: 19)، ونحن نؤكِّد هنا أن الختان الروحي يتم أساسا في المعمودية، حيث يجعلنا المسيح شركاء أيضا في الروح القدس.]
ثم يعود القديس كيرلس ويكشف عن مدى ارتباط خلاصنا بختانة المسيح في اليوم الثامن معتبرا أن المسيح اختتن لنا ونحن اختتنا فيه؛ فتمَّ لنا بختانة المسيح وفي ختانة المسيح، الخلاص!
[في اليوم الثامن، إذن، اختُتن المسيح وتقبَّل اسمه (يُدعى اسمه يسوع أي المخلِّص). لأنه عندئذ، أي بهذا، خلصنا بواسطته وفيه. كما قيل: «وبه أيضا خُتنتم ختانا غير مصنوع بيد، بخلع جسم خطايا البشرية، بختان المسيح، مدفونين معه في المعمودية التي فيها أُقمتم أيضا معه» (كو 2: 11 و12). أي أنه كما كان موت المسيح من أجلنا وكانت قيامته، كذلك كانت ختانته.]