“هذه بداءة الآيات فعلها يسوع فى قانا الجليل وأظهر مجده فآمن به تلاميذه”( يـو11:2)
لقد تحيَّر المفسِّرون، وما هو مجده في آية تحويل الماء إلى خمر؟
أهو في المعجزة ذاتها أم في الظروف التي أحاطت بها؟ فإن كانت في المعجزة ذاتها فالذي آمن به هم تلاميذه فقط، إذن فالمعجزة لم تكن بالدرجة الكافية لتبهر غير الأخصَّاء. أما الظروف المحيطة بالمعجزة فهي لا تزيد عن كونها مشاركة اجتماعية مفروضة على ذوي الولاية من القربى أو من رجال الدين.
إذن فأين يكمن مظهر المجد الذي استُعلن لتلاميذه من هذه الآية حتى آمنوا به؟
هنا يلزمنا أن ندرك أن أعمال الله تحتاج إلى أُذن مفتوحة مهيَّأة للسمع وعين مُبصرة مستعدة للرؤيا … أُذن التلاميذ كانت مفتوحة وعيونهم كانت على أعلى درجة من الترقُّب للرؤيا، لأن علاقتهم بالمسيح لم تكن قد تجاوزت في جملتها أكثر من أسبوع واحد. إذن فالمعلِّم كان تحت الفحص الدقيق والملاحظة الشديدة والترقُّب المستبشر جدًّا والمستعد لإدراك أقل حركة فائقة وترجمة أي عمل خارق، وذلك بحساسية مرهفة غاية الإرهاف.
لهذا عندما رأوا بعيونهم الماء وهو يُصبُّ في الأجران أمامهم، ثم رأوه يُرفع هو نفسه خمراً، وذاقوه وتحقَّقوه، حدثت في الحال المعجزة، لا معجزة تحويل الماء إلى خمر بل معجزة إيمانهم!! لقد آمنوا بالمسيح كليَّة!! إذ رأوا في هذا العمل أقصى ما يمكن أن يتمنوه أو يتصوَّروه وهو اختراق معلِّمهم لحاجز المادة. إذن، فهذا هو المسيَّا بكل ثقة وتأكيد. لقد انطبقت في أذهانهم كل كلماته العذبة وتعاليمه السابقة المنيرة على هذه القدرة الخارقة!
لذلك كانت آية عُرس قانا الجليل آية المجد الأُولى لمعلِّمهم وأعظم الآيات طُرًّا في حياة التلاميذ الخمسة الأوائل، ويوحنا بالدرجة الأُولى!! ولكن ما كان أحوج التلاميذ، وما أحوجنا معهم أن نكون دائماً على هذا المستوى من الحساسية والإرهاف الشديد في تتبُّع أعمال المسيح في حياتنا ودنيانا.
إنه كل يوم يحوِّل كل شيء أمامنا وفي حياتنا، ولكن الحاجة أشد الحاجة إلى الأُذن التي تسمع والعين التي تُبصر! إن كل شجرة – وليست العُلَّيقة وحدها – مشتعلة بالنار الإلهية ولا تحترق، ولكن ذا العين المفتوحة هو وحده الذي يرى وهو وحده الذي يخلع نعليه! وماؤنا يتحوَّل كل يوم إلى خمر، وخمرنا إلى قداسة وإلى حياة أبدية، والقريبون المترقِّبون هم وحدهم الذين ينظرون ويذوقون…
القريبون المترقبون هم وحدهم الذين ينظرون و يذوقون.يارب اجعلنا نذوق لان انت قلت ذوقوا و انظروا ما اطيب الرب.